أريد أن ألعب.. بذلك أجاب محمد أمه التي تناديه بينما يتجه إلى الخارج، لم يسمع نهيها بخطواته التي أكملت سيرها نحو الباب.. خاف أن تتصل بهاتف والده لتخبره فيخسر متعة اللعب، ويجتمع إلى تلك الخسارة أن والده لا يخجل من أن يشعره بالخجل بينما ينهره ويأمره بالعودة بينهم، فعاد خطوتين لأجل هذا الخوف ليخبرها أنه سيلعب أمام باب المنزل، بل سيعود حين تناديه، كان ذلك كفيلا لإشعارها بالهدوء.
كانت الشمس مجهدة في تلك الساعة، كأنما هي شجرة أثمرت فثقلت فروعها، ومالت أغصانها، كان يستطيع التحديق في قرصها في ساعة ما قبل الغروب، سرعان ما قاطعه صوت الكرة التي رماها أصدقاءه باتجاهه، انهمك في اللعب الذي أراده بشدة بعد يوم حافل بالدراسة عن بعد، هو ينظر إلى لعب الكرة باعتباره المكافأة التي يقدمها لنفسه بعد عمل شاق، وهي الوعد الذي قطعه لنفسه حتى يستطيع السير في طريق مذاكرته، لذلك يلعب بمهارة وحماسة شديدة، وكم مرة توقفوا عن اللعب ليستمتعوا بمراقبة مهارته بينما تكرر الكرة تقبيل أقدامه دون استراحة..
أزف وقت اللعب على الانتهاء، وهذا ما جعل أحد اللاعبين في الفريق الذي تأكدت خسارته يركل الكرة بعيدًا، وانطلق محمد نحوها بينما يسخر من الفريق المهزوم، ولم ينتبه لوجود سيارة قادمة، لم يشعر بألم الاصطدام، ولا بالهواء حين كان يطير بالاتجاه المعاكس للسير، لوهلة أصبح كل شيء صامتًا، كأنما وقع في صندوق مغلق الإحكام، عادت الأصوات مجددًا دون الصور، وكان يسمع صوت: أمه وأبيه معًا وشخص ثالث لا يعرفه، حاول معرفته بفتح عينيه والتركيز ليرى لباس الطبيب ونظراته التي اتجهت نحو والديه وهما يتوسلان إليه في يأس، شعر كأنما هو الشخص الذي يستطيع إخراجه من هذا العجز، أمسك بيده.. بكل ما لديه من قوة، التفت إليه الطبيب فلمح في عينيه العجز أيضًا، صرخ بقوله: لا أريد أن أموت!
عبدالله الصليح
التعليقات 1
م. الحازمي
30/03/2021 في 3:56 ص[3] رابط التعليق
سرد ممتع ومشوق بوركت استاذ عبدالله وقفلة محكمة.