في إطار الدعم والتسهيلات التي منحتها رؤية المملكة 2030 للجهات الحكومية بتوجيه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله- تم تخصيص بنود مستقلة بميزانيات عدد كبير من الجهات الحكومية للتعاقد مع الكفاءات والخبراء الأمر الذي مكّن الوزراء ورؤساء المصالح الحكومية من جلب العديد من الخبراء والمستشارين، واستقطاب كبار المسؤولين بالجهة من بعض الوكلاء والوكلاء المساعدين ومدراء العموم بعد التقاعد؛ ليساهموا بخبراتهم ومهاراتهم في مساندة المسؤول الأول بالجهة ولتؤدي الجهة مهامها، وتقدم التزاماتها الموكلة لها وفق اختصاصها - صحة، تعليم، بلديات، إسكان وغيرها - بأحسن أداء، وقد قطعت هذه البنود، وهذه التسهيلات على الوزراء ورؤساء المصالح التحجج والاعتذار عند الإخفاق بأنه مكبل اليدين في التغيير والتكليف لوكلائه ومساعديه لإنجاز مهامه، وتحقيق طموحاته، وأنه تسلم الجهة الحكومية بكبار موظفيها ومسؤوليها، وليس له أن يشكل فريقه الذي يرغب فمنحتهم تلك التسهيلات والبنود حق التعاقد مع وكلاء ومدراء وخبراء ومستشارين وبمميزات مالية مغرية جدًّا؛ حتى أصبحت بعض الجهات الحكومية تنافس أكبر الشركات في استقطاب الكفاءات، وهذا تطور ممتاز في أداء الجهات الحكومية بأن تنافس الشركات على استقطاب الكفاءات والخبراء، وجاء قرار مجلس الوزراء الأخير رقم (181) وتاريخ 1442/3/17هـ المتضمن بعض التعديلات للقرار رقم (119) وتاريخ 1440/2/21هـ المنظم لاستقطاب الكفاءات؛ ليلزم الجهات الحكومية بنقل خبرات هولاء الخبراء وهذه الكفاءات لموظفي الجهة الرسميين، وهو توجيه حكيم لتوطين، وتسكين الخبرات، وكان بالنص التالي: (وجه المجلس جميع الجهات التي تسري عليها مهمات وظائف وكلاء الوزارات والوكلاء المساعدين، وقواعد التعاقد على برنامج الكفاءات المتميزة بوضع آليات تضمن نقل المعرفة من الكفاءات المتعاقد معها لموظفي الجهة الرسميين)، ومجلس الوزراء حين أصدر توجيهه يفترض أن هناك خبرات ومعارف ومهارات لدي هذا الخبير الذي تم التعاقد معه؛ ليتم نقلها لموظفي الجهة، وبالتالي فإنه من الواجب على الجهة أن تعيد النظر في معايير التعاقد وآلياته؛ لتضع من ضمنها تحديد هذه الخبرات التي دفعتها للتعاقد مع هذا المتعاقد، ولا يكفي هنا أنه كان من كبار مسؤولي الجهة أو من أعضاء هيئة التدريس بأعرق الجامعات؛ ليتم التعاقد معه؛ لأنه يستلزم وبناء على هذا التوجيه الكريم ان يتم نقل معرفة معينة (وعبارة المعرفة، والتي يعرفها بعض ارباب اللغة أنها حصيلة التعّلم عبر العصور ) لموظفي الجهة الرسميين. كما أن مجلس الوزراء لم يحدد كيفية نقل تلك المعرفة، بل رمى الكرة بملعب الجهات، وترك لها اختيار الآليات والطرق التي تمكنها من نقل تلك المعرفة؛ حيث طلب من الجهة أن تضع هي بنفسها تلك الآليات التي ترى أنها تضمن نقل المعرفة، وهو بهذه الصلاحية التي خولها لها، وبعبارة المعرفة المجردة ترك للجهات الميدان مفتوحًا للإبداع والتنافس، وفي نفس الوقت شرع محددات غير منصوص عليها، ولكنها تُفَهم من السياق للاختيار والتعاقد تكون الكفاءة والتميز هو المعيار؛ لينتج لنا في نهاية التعاقد مُخّرج وحصيلة محددة يمكن قياسها من المعرفة، يتم نقلها لموظفي الجهة، وهذا فن جديد في الإدارة الحكومية أخرجته لنا رؤية الخير والبركة رؤية 2030 يجمع بين مرونة المحددات، وتخويل الصلاحيات.
كما أنه بموجب هذا التوجيه أصبح نقل المعرفة جزءًا من التزامات المتعاقد معه قانونيًّا، ويجب عليه الوفاء به للجهة وإلا يعد مخلًا بالتزاماته التعاقدية، وهنا يحصل الصراع الكبير في النفس البشرية لدى هذا المتعاقد بين أن ينقل خبراته ومعارفه لموظفي الجهة، وهو يعلم أنها دوافع استمرار التعاقد معه وبين أن يحتفظ بها؛ ليظل الاحتياج له قائمًا من جهة ومن جهة ثانية بين المتعاقد وقدرة الجهة على استيفاء حقوقها منه، وهذه معادلة صعبة وساحة لصراع كبير، نسال الله أن يكون نتاجه ارتفاع معايير أداء الجهات الحكومية لمهامها وقدرتها على حوكمة أعمالها.
التعليقات 1
المستشار خالد المشيقح
16/11/2020 في 6:11 م[3] رابط التعليق
مقال جميل مستشار ضيف الله ، وموضوع الاستفادة من خبرات المتقاعدين سيكون له مردود وسينعكس ايجابيا على أداء الجهات الحكومية ، فالمتقاعدين ذوي الخبرة يمثلون ثروة حقيقية وتوجه الدولة رعاها الله بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين احسنت صنعا بهذا التوجه والذي سيؤتي أكله كل حين بإذن الله ، بوركت أبا صالح وبورك قلمك ونفع الله بك .