واختتم فضيلته خطبته الثانية بنصح المسلمين بإتباع النصائح الصادرة من وزارة الصحة والالتزام بالإجراءات الاحترازية فقال: في ظل استمرار هذه الجائحة، فإنه يجب علينا، الالتزام بتوصيات وزارة الصحة، وذلك من طاعة ولي الأمر، لمنع انتشار العدوى، وهذا واجب شرعي، للمحافظة على الأرواح، فكم من متهاون بالتعليمات، عرَّض حياته وحياة غيره، إلى ما لا تُحمد عقباه، نسأل الله جل جلاله، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أن يكشف عنا هذا الوباء، برحمته وفضله، وجوده وكرمه.
مكة عاجل
- 06/04/2021 شرطة منطقة الرياض: القبض على مواطنين ثبت تورطهما في السطو على عدد من المدارس
- 05/04/2021 ضبط أكثر من 4.3 ملايين قرص إمفيتامين مخدر بميناء #جدة
- 05/04/2021 مكافحة المخدرات:كشف مخطط لتهريب كمية كبيرة من الإمفيتامين إلى #المملكة
- 05/04/2021 #الصحة تعلن عن تسجيل (695) حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا وتسجيل (7) حالات وفيات
- 16/03/2021 المرصد السوري: مقتل قيادي في #الحرس_الثوري بانفجار لغم في دير الزور
- 06/03/2021 مسؤول يمني يطالب بتحرك دولي فوري لوقف عمليات التجنيد الإجباري في مناطق سيطرة المتمردين الحوثيين
- 06/03/2021 البرازيل تسجل 75495 إصابة جديدة بكورونا و1800 وفاة
- 27/02/2021 الأمن التونسي يوقف 87 مهاجرًا غير شرعي
- 14/02/2021 مصدر مسؤول في وزارة الداخلية: تمديد العمل بالإجراءات الاحترازية مدة (20) يوماً إضافياً بدءاً من الساعة 10 من مساء اليوم الأحد 2 / 7 / 1442هـ
- 13/02/2021 مجلس الشيوخ يرفض إدانة #ترامب بتهمة التحريض على #اقتحام_الكونغرس
- 07/02/2021 “صحة جدة” : سنصدر بيان حول التحقيقات في قيام مقيمة عربية بممارسة العمل الطبي
- 15/01/2021 القبض على 3 متورطين في جرائم سرقة ونشل حقائب نسائية
- 10/12/2020 هيئة الرقابة ومكافحة الفساد تباشر (120) قضية جنائية
- 04/12/2020 #عاجل … المغرب يعلن تفكيك خلية جديدة “موالية” لتنظيم داعش
- 10/11/2020 تدخل طبي ناجح ينقذ حياة مريض نفسي بمستشفى ” شرق جدة “
صحيفة مكة الإلكترونية > المحلية > فضيلة الشيخ ماهر المعيقلي في خطبة الجمعة بالحرم المكي : في ظل استمرار هذه الجائحة، فإنه يجب علينا، الالتزام بتوصيات وزارة الصحة، وذلك من طاعة ولي الأمر، لمنع انتشار العدوى
05/02/2021 12:00 ص
فضيلة الشيخ ماهر المعيقلي في خطبة الجمعة بالحرم المكي : في ظل استمرار هذه الجائحة، فإنه يجب علينا، الالتزام بتوصيات وزارة الصحة، وذلك من طاعة ولي الأمر، لمنع انتشار العدوى
أمّ المصلين في خطبة اليوم الجمعة 1442/6/23بالمسجد الحرام فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي وتحدث فضيلته في خطبته الأولى عن مواقف يوم القيامة فقال: : إن من أشد المواقف على العباد، مواقف يوم القيامة، بأهوالها المفزعة، وأحوالها المخيفة ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ ﴾، فيحشر الناس حفاة عراة غرلا، مع كل نفس سائق يسوقها، وشهيد يشهد عليها، والناس بين ضاحك مسرور، وباك مثبور، فيحشر المتقون إلى ربهم وفدا، ويساق المجرمون إلى جهنم وردا، والناس بين آخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله من وراء ظهره، ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴾، ويقول فرحًا مسرورًا: ﴿ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾، ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا ﴾ ، ويقول نادما حسيرًا: ﴿ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ﴾.
وتحدث فضيلته عن مايوضع في الميزان يوم القيامة والنصوص الدالة على ذلك فقال :ولقد دلَّت نصوص الكتاب والسُّنة، على أنَّ العبد وعمله، وصحيفة أعماله، كل ذلك يوضع في الميزان يوم القيامة، ففي مسند الإمام أحمد: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((تُوضَعُ الْمَوَازِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُؤْتَى بِالرَّجُلِ، فَيُوضَعُ فِي كِفَّةٍ، فَيُوضَعُ مَا أُحْصِيَ عَلَيْهِ، فَتَمَايَلَ بِهِ الْمِيزَانُ، قَالَ: فَيُبْعَثُ بِهِ إِلَى النَّارِ، فَإِذَا أُدْبِرَ، بِهِ إِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ مِنْ عِنْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: لَا تَعْجَلُوا، لَا تَعْجَلُوا، فَإِنَّهُ قَدْ بَقِيَ لَهُ، فَيُؤْتَى بِبِطَاقَةٍ فِيهَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَتُوضَعُ مَعَ الرَّجُلِ فِي كِفَّةٍ، حَتَّى يَمِيلَ بِهِ الْمِيزَانُ ))، في ذلك الميزان العظيم، يخف وزن العبد أو يثقل، بحسب إيمانه وأعماله، لا بضخامة جسده، ففي الصحيحين: أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، _ يعني: وهو من أهل النار_ لَا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، اقْرَءُوا، فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا))، وهذا ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، كَانَ يَجْتَنِي لرسول الله صلى الله عليه وسلم سِوَاكًا مِنَ الْأَرَاكِ، وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ، فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مِمَّ تَضْحَكُونَ؟)) قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ)). رواه الإمام أحمد.
واختتم فضيلته الخطبة الأولى عن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته فقال: وإن من عظيم رحمة الله تعالى بهذه الأمة، أن جعل رسولها صلى الله عليه وسلم، بأبي هو وأمي، عليه الصلاة والسلام، يحضر موطن شدة الميزان وهوله، ليكون شفيعاً لأمته؛ ففي سنن الترمذي، سأل أنسُ بن مالك رضي الله عنه، رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يَشْفَعَ لَه يَوْمَ القِيَامَةِ، فَقَالَ: ((أَنَا فَاعِلٌ))، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ؟ أي: أين أجدك، وفي أي عرصات القيامة أبحث عنك، قَالَ: ((اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ)). قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصِّرَاطِ؟ قَالَ: ((فَاطْلُبْنِي عِنْدَ المِيزَانِ)). قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ المِيزَانِ؟ قَالَ: ((فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الحَوْضِ؛ فَإِنِّي لَا أُخْطِئُ هَذِهِ الثَّلَاثَ المَوَاطِنَ))، يعني: لا بد أن تلقاني في واحدة من هذه المواطن، وأسعد الناس بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في تلك العرصات، هم أهل التوحيد والإخلاص.
وإن من فضل الله تعالى على عباده، أن جعل الأعمال التي يَثْقُلُ بها الميزان كثيرة، فمن أعظمها بعد التوحيد، الْجُود بِالْخُلُقِ الحسن، وهو شيء هين؛ وجه طليق ولسان لين، ويدخل فيه، استقامة في دين، وبشاشة في لين، وتفريج كربة، وكلمة طيّبة، وعفو وإحسان، وبر بوالدين، وحسن الخلق، أكثر ما يدخل الناس الجنة، وبه يدرك صاحبه درجة الصائم القائم، بل صاحبه أحب الناسِ للنبي صلى الله عليه وسلم، وأقربهم منه مجلسا يوم القيامة، ولقد كان صلى الله عليه وسلم، أكمل الناس أَخلاقا، وأكرمهم نفسا، وأطلقهم وجها، وأشدَّهم وفاء، وأرحمهم قلبا، وألينهم طبعا وأعظمهم صبرا، وأوسعهم عفوا، وأوفرهم حلما، وفي سنن الترمذي، قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ، مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ)).
وإن مما يثقل الميزان يوم القيامة، شهود الجنائزِ والصلاة عليها، وتشييعها حتى دفنها؛ ففي الصحيحين، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ))، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: ((مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ)).
ومن أراد أن تثقل موازينه، فليكثر من حمد الله وتسبيحه، ففي صحيح مسلم، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ))، و(( كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ))، وعن جُوَيْرِيَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: ((مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟)) قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ))، رواه مسلم.
فطوبى لمن ثقلت موازينه، ويا خسارة من خفت موازينه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾.
واستهل فضيلته خطبته الثانية بالإيمان بالميزان فقال: إن للإيمان بالميزان يوم القيامة، آثارا عظيمة، من العلم واليقين، بعدل الله جل جلاله، قال الإمام الطحاوي: “وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي وَزْنِ الْأَعْمَالِ إِلَّا ظُهُورُ عدله سبحانه لجميع عباده، فإنه لا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَرْسَلَ الرُّسُلَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، فَكَيْفَ وَوَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْحِكَمِ، مَا لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ”، ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)).
والإيمان بالميزان، سبب للحرص على الأعمال التي تثقله، فلا يزهد المرء في قليل من الخير أن يأتيه، فحسنة واحدة، تثقل الميزان، وتدخل العبد الجنة، ففي عرصات يوم القيامة، يقف أقوام على برزخ مرتفع بين الجنة والنار، وهم من تساوت حسناتهم وسيئاتهم، فينظرون إلى أهل الجنة فيعرفونهم بسيماهم، ويتمنون حسنة واحدة، ليكونوا معهم، ولكنهم لا يستطيعون، ((وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))، فيحبسون على الأعراف، ما شاء الله أن يحبسوا، ثم يدخلهم الله تعالى برحمته الجنة. وفي صحيح مسلم، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ))، ((فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (9) وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (10) نارٌ حامِيَةٌ)).
أمّ المصلين في خطبة اليوم الجمعة 1442/6/23بالمسجد الحرام فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي وتحدث فضيلته في خطبته الأولى عن مواقف يوم القيامة فقال: : إن من أشد المواقف على العباد، مواقف يوم القيامة، بأهوالها المفزعة، وأحوالها المخيفة ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ ﴾، فيحشر الناس حفاة عراة غرلا، مع كل نفس سائق يسوقها، وشهيد يشهد عليها، والناس بين ضاحك مسرور، وباك مثبور، فيحشر المتقون إلى ربهم وفدا، ويساق المجرمون إلى جهنم وردا، والناس بين آخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله من وراء ظهره، ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴾، ويقول فرحًا مسرورًا: ﴿ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴾، ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا ﴾ ، ويقول نادما حسيرًا: ﴿ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ﴾.
وتحدث فضيلته عن مايوضع في الميزان يوم القيامة والنصوص الدالة على ذلك فقال :ولقد دلَّت نصوص الكتاب والسُّنة، على أنَّ العبد وعمله، وصحيفة أعماله، كل ذلك يوضع في الميزان يوم القيامة، ففي مسند الإمام أحمد: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((تُوضَعُ الْمَوَازِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُؤْتَى بِالرَّجُلِ، فَيُوضَعُ فِي كِفَّةٍ، فَيُوضَعُ مَا أُحْصِيَ عَلَيْهِ، فَتَمَايَلَ بِهِ الْمِيزَانُ، قَالَ: فَيُبْعَثُ بِهِ إِلَى النَّارِ، فَإِذَا أُدْبِرَ، بِهِ إِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ مِنْ عِنْدِ الرَّحْمَنِ، يَقُولُ: لَا تَعْجَلُوا، لَا تَعْجَلُوا، فَإِنَّهُ قَدْ بَقِيَ لَهُ، فَيُؤْتَى بِبِطَاقَةٍ فِيهَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَتُوضَعُ مَعَ الرَّجُلِ فِي كِفَّةٍ، حَتَّى يَمِيلَ بِهِ الْمِيزَانُ ))، في ذلك الميزان العظيم، يخف وزن العبد أو يثقل، بحسب إيمانه وأعماله، لا بضخامة جسده، ففي الصحيحين: أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، _ يعني: وهو من أهل النار_ لَا يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، اقْرَءُوا، فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا))، وهذا ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، كَانَ يَجْتَنِي لرسول الله صلى الله عليه وسلم سِوَاكًا مِنَ الْأَرَاكِ، وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ، فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مِمَّ تَضْحَكُونَ؟)) قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ)). رواه الإمام أحمد.
واختتم فضيلته الخطبة الأولى عن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته فقال: وإن من عظيم رحمة الله تعالى بهذه الأمة، أن جعل رسولها صلى الله عليه وسلم، بأبي هو وأمي، عليه الصلاة والسلام، يحضر موطن شدة الميزان وهوله، ليكون شفيعاً لأمته؛ ففي سنن الترمذي، سأل أنسُ بن مالك رضي الله عنه، رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يَشْفَعَ لَه يَوْمَ القِيَامَةِ، فَقَالَ: ((أَنَا فَاعِلٌ))، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ؟ أي: أين أجدك، وفي أي عرصات القيامة أبحث عنك، قَالَ: ((اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ)). قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصِّرَاطِ؟ قَالَ: ((فَاطْلُبْنِي عِنْدَ المِيزَانِ)). قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ المِيزَانِ؟ قَالَ: ((فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الحَوْضِ؛ فَإِنِّي لَا أُخْطِئُ هَذِهِ الثَّلَاثَ المَوَاطِنَ))، يعني: لا بد أن تلقاني في واحدة من هذه المواطن، وأسعد الناس بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في تلك العرصات، هم أهل التوحيد والإخلاص.
وإن من فضل الله تعالى على عباده، أن جعل الأعمال التي يَثْقُلُ بها الميزان كثيرة، فمن أعظمها بعد التوحيد، الْجُود بِالْخُلُقِ الحسن، وهو شيء هين؛ وجه طليق ولسان لين، ويدخل فيه، استقامة في دين، وبشاشة في لين، وتفريج كربة، وكلمة طيّبة، وعفو وإحسان، وبر بوالدين، وحسن الخلق، أكثر ما يدخل الناس الجنة، وبه يدرك صاحبه درجة الصائم القائم، بل صاحبه أحب الناسِ للنبي صلى الله عليه وسلم، وأقربهم منه مجلسا يوم القيامة، ولقد كان صلى الله عليه وسلم، أكمل الناس أَخلاقا، وأكرمهم نفسا، وأطلقهم وجها، وأشدَّهم وفاء، وأرحمهم قلبا، وألينهم طبعا وأعظمهم صبرا، وأوسعهم عفوا، وأوفرهم حلما، وفي سنن الترمذي، قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ، مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ)).
وإن مما يثقل الميزان يوم القيامة، شهود الجنائزِ والصلاة عليها، وتشييعها حتى دفنها؛ ففي الصحيحين، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ))، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: ((مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ)).
ومن أراد أن تثقل موازينه، فليكثر من حمد الله وتسبيحه، ففي صحيح مسلم، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ))، و(( كَلِمَتَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ))، وعن جُوَيْرِيَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: ((مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟)) قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ))، رواه مسلم.
فطوبى لمن ثقلت موازينه، ويا خسارة من خفت موازينه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾.
واستهل فضيلته خطبته الثانية بالإيمان بالميزان فقال: إن للإيمان بالميزان يوم القيامة، آثارا عظيمة، من العلم واليقين، بعدل الله جل جلاله، قال الإمام الطحاوي: “وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي وَزْنِ الْأَعْمَالِ إِلَّا ظُهُورُ عدله سبحانه لجميع عباده، فإنه لا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَرْسَلَ الرُّسُلَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، فَكَيْفَ وَوَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْحِكَمِ، مَا لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ”، ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)).
والإيمان بالميزان، سبب للحرص على الأعمال التي تثقله، فلا يزهد المرء في قليل من الخير أن يأتيه، فحسنة واحدة، تثقل الميزان، وتدخل العبد الجنة، ففي عرصات يوم القيامة، يقف أقوام على برزخ مرتفع بين الجنة والنار، وهم من تساوت حسناتهم وسيئاتهم، فينظرون إلى أهل الجنة فيعرفونهم بسيماهم، ويتمنون حسنة واحدة، ليكونوا معهم، ولكنهم لا يستطيعون، ((وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))، فيحبسون على الأعراف، ما شاء الله أن يحبسوا، ثم يدخلهم الله تعالى برحمته الجنة. وفي صحيح مسلم، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ))، ((فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (9) وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (10) نارٌ حامِيَةٌ)).
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.makkahnews.net/5233183.html
محتويات مشابهة

يستفاد منها وقت الاختبارات .. تعليم “مكة” يُطلق مبادرة ” الخدمات التربوية المرئية ” وخدمة” الهاتف الارشادي”

بمعدل 40دقيقة لكل فترة… انطلاق الاختبارات النهائية بمدارس تعليم”مكة”

عبر دورة “ثقافة تعظيم البلد الحرام” تأهيل 13 موظفة مؤقته ومساندة بالحرم المكي الشريف
